matary المدير العام
عدد المشاركات : 402 العمر : 33 دولة : المهنة : الهواية : أوسمة : أوسمة اضافية : نقاط : 47417 تاريخ التسجيل : 13/11/2008
| موضوع: كيف تُفلِس المرأة أخبار الشبيب الخميس يناير 28, 2010 1:47 pm | |
| ناعومي وولف بينما يناضل العالم من أجل الخروج من شبه الانهيار الاقتصادي الذي ألمَّ به في الخريف الماضي، انحدر مستوى أفراد مجموعة فرعية من الناس بشكل واضح وبأعداد قياسية: نساء الطبقة المتوسطة سابقاً. فقد أظهر تقرير حديث أن ما لا يقل عن مليون من نساء الطبقة المتوسطة في الولايات المتحدة سوف يمثلن أمام محكمة الإفلاس في هذا العام. وهو ما يتجاوز عدد النساء اللواتي سوف "يتخرجن في الجامعة، أو تثبت التشخيصات إصابتهن بالسرطان، أو يرفعن دعاوى قضائية للحصول على الطلاق"، كما أكدت الخبيرة الاقتصادية إليزابيث وارين. والواقع أن المحنة التي تشبه في أعراضها من نواحٍ كثيرة محنة النساء في مختلف أنحاء العالم تحمل في طياتها دروساً لنا جميعا. إن هؤلاء النسوة المفلسات أفضل تعليماً من أقرانهن من الذكور: فقد نال أغلبهن قسطاً من التعليم الجامعي؛ وأكثر من نصفهن يملكن مساكنهن. والأرجح أن ما انحدر بهن من أسلوب حياة الطبقة المتوسطة إلى حياة ترتفع بالكاد عن خط الفقر هو واحد من ثلاثة عوامل أو عوامل ثلاثة مجتمعة. اثنان من هذه العوامل الثلاثة يرتبطان بالاقتصاد، أما العامل الثالث فقد يكون عاطفياً بالنسبة للعديد من النساء. العامل الأول يتخلص في ميل هؤلاء النساء إلى تحمل ديون ضخمة. والواقع أن كل الناس تقريباً أنفقوا بما يتجاوز مواردهم أثناء فترة ازدهار الفقاعة الأخيرة، ولكن نساء الطبقة المتوسطة يرتبطن بعلاقة خاصة بالديون. فالعديد منهن يعملن في وظائف تلزمهن بالإفراط في اللجوء إلى خطوط الائتمان لمجرد تمكين أنفسهن من الوقوف على أقدامهن. ولكن أخريات منهن كن هدفاً سهلاً لشركات تصنيع السلع والمنتجات الفاخرة وشركات بطاقات الائتمان، والتي تستفيد من الطريقة التي تربط بها هذه الثقافة الجماعية بين أنواع معينة من الاستهلاك ـ أحدث الأزياء من إنتاج الماركات الشهيرة، ومساحيق التجميل المناسبة، بل وحتى السيارات الرياضية العصرية ـ فتحولها إلى سردٍ عن الأنوثة الناجحة. ولا تقتصر هذه الضغوط على الولايات المتحدة. فالطبقات المتوسطة الجديدة تنشأ الآن في مختلف أنحاء العالم، والمجلات مثل كوزموبوليتان وفوج تستهدف النساء اللاتي التحقن بالطبقة المتوسطة حديثاً في الهند والصين ـ العديد من هؤلاء النساء يشكلن جزءاً من جيلٍ يتمتع بدخل خاص للمرة الأولى في تاريخ أسراتهن ـ بنفس المجموعة من السلع الكمالية الفاخرة. والسبب الثاني الذي جعل مليون امرأة أمريكية تعلن إفلاسها في المحاكم هو أن التشريعات التي سُنَّت في عام 2005 تؤلب النساء ـ القادرات على تحمل المشورة القانونية المكلفة ـ ضد شركات بطاقات الائتمان فيما يتصل بمن يحصل على المال أولاً حين يكون الأزواج السابقين مدينين بدفعات متأخرة لبطاقات الائتمان أو بدفعات خاصة برعاية الأطفال. إن مثل هذه الضغوط تتسم بخطورة واضحة، وهي خاضعة لمناقشات علنية. ولكن هناك عامل ثالث كثيراً ما يساهم في الضائقة الاقتصادية التي تواجه نساء الطبقة المتوسطة، وهو العامل الذي لا يناقش علناً إلا في أحوال نادرة، ناهيك عن قياس ذلك العامل. وهو يتصل بالتوقعات المعقدة عاطفياً لدى العديد من نساء الطبقة المتوسطة فيما يتصل بالمال. في إطار برنامج القيادات النسائية الشابة الذي أساعد في إدارته في معهد وودهول، كثيراً ما نرى أن نساء الطبقة المتوسطة، ونساء الطبقة العاملة، يجدن حرجاً في التحدث عن المال. وحين يتطرقن إلى هذا الموضوع ـ مع أصحاب العمل على سبيل المثال ـ فإنهن يستخدمن لغة دفاعية هدّامة. وهن لا يرغبن في التفاوض بشأن الرواتب ونادراً ما يعرفن كيف يفعلن ذلك. ومن الواضح أنهن يعتقدن أن مطالبتهن بالمال في مقابل عملهن يخرجهن من "أنوثتهن". وكثيراً ما يفترضن أن بذل ضعف المجهود الذي يبذله من حولهن في العمل ـ والامتناع في الوقت نفسه عن التحدث عن جدارتهن وإنجازاتهن ـ من شأنه أن يسفر عن الزيادة في أجورهن لأن أحد كبار المسؤولين في المكان الذي يعملن به سوف يلاحظ جهودهن المتميزة. فضلاً عن ذلك فإن هؤلاء النساء يـمِلن إلى اعتناق أفكار غير واقعية بشأن مساراتهن الاقتصادية. وكثيراً ما يتقاعس نساء الطبقة المتوسطة الشابات عن الادخار لأنهن يفترضن ـ حتى الآن ـ أن الزواج سوف ينقذهن مالياً. ونتيجة لهذا فإنهن ينظرن غالباً إلى شراء الأحذية العصرية أو الحصول على قَصة شعر رائعة ـ وليس إعطاء بعض المال في كل شهر لسمسار ما ـ باعتباره "استثماراً" في مستقبلهن الرومانسي. وهنا كثيراً ما تصدق المقولة التقليدية الشائعة: ألا وهي أن نساء الطبقة المتوسطة الأكبر سناً يفشلن في اكتساب الثقافة المالية في إطار حياتهن الأسرية، حيث يتركن حسابات السمسرة، وحسابات التقاعد، والضرائب، والتأمين على الحياة وما إلى ذلك لأزواجهن. وهذا من شأنه أن يجعلهن ضعيفات على المستوى الاقتصادي حين ينفصلن عن أزواجهن بالطلاق أو حين يترملن. ومن عجيب المفارقات هنا أننا وجدنا أن نساء الطبقة العاملة (والنساء من أصول غير أوروبية) نادراً ما يحملن مثل هذه الهياكل المعقدة من الإنكار. فهن يَمِلن، من واقع خبرتنا، إلى الاستعداد بشكل أفضل من نساء الطبقة المتوسطة ذوات البشرة البيضاء إلى إتقان أساسيات الثقافة المالية وتعلم المفاوضات بشأن الرواتب، وذلك لأنهن لا يتمتعن بترف انتظار فارس على جواد أبيض لينقذهن اقتصادياً. إن الحس العملي الذي يتمتع نساء الطبقة العاملة والطبقة الفقيرة في التعامل مع المال هو السبب وراء نجاحهن في عالم التمويل المتناهي الصغر النامي. وإنها لمفاجأة في تصوري أن تتمكن أي امرأة من نساء الطبقة المتوسطة في أي مكان من العالم ـ واللاتي نشأن على النظر إلى أشكال معينة من الجهل الاقتصادي والسذاجة باعتبارها لياقة اجتماعية ـ من التمتع بنفس القدر من الجدارة بالثقة والواقعية الذي يتمتع به نساء الطبقة العاملة والطبقة الفقيرة على مستوى العالم. تقدم المدربة المالية الموهوبة جاكيت تيمونز، التي تركز على النساء في كتابها الجديد "الألفة المالية"، بعض الحقائق التي كانت لتشكل قيمة كبرى بالنسبة لأي من نساء الطبقة المتوسطة المتضررات بسبب الأزمة الآن. وتقول في كتابها: "إن العديد من النساء اليوم يكسبن أكثر مما كان بوسع نساء الأجيال السابقة اكتسابه. ولكن من عجيب المفارقات أن هذا لم يسفر بالضرورة عن درجة أعلى من الأمان المالي، بسبب المحظور الخاص بالتحدث عن المال". إذا تمكن نساء الطبقة المتوسطة في أي مكان من العالم من التغلب على ذلك المحظور، فإن هذا سوف يكون بفضل فهمهن لحقيقة مفادها أن المال ليس غاية في حد ذاته، وإن اكتساب الثقافة المالية يعني التصدي للدور الاجتماعي الذي يصور نساء الطبقة المتوسطة باعتبارهن تابعات مهذبات، غامضات اقتصادياً، يحصلن على أجور هزيلة، ومفتونات بالتسوق. إن كافة الضغوط الأخرى الرهيبة التي تدفع العديد من النساء إلى الإفلاس سوف تظل قائمة، ولكن المزيد من النساء على الأقل سوف يواجهن هذه الضغوط بكامل وعيهن، وفي ظل خيارات أفضل.
ناعومي وولف ناشطة سياسية وناقدة اجتماعية، وأحدث مؤلفاتها كتاب بعنوان "أعطني حريتي: دليل الثوريين الأمريكيين". حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2009. www.project-syndicate.org ترجمة: إبراهيم محمد علي Translated by: Ibrahim M. Ali | |
|