بقلم - محمد بن سيف الرحبي
هكذا شقت السنون طريقها، وحانت السنة الأربعون من حكاية عمان
المعاصرة، منذ لحظة الولادة في فجر الثالث والعشرين من شهر يوليو عام
1970، وصولا إلى عام 2010، وبينهما فواصل محسوبة بالسنوات لتقول الحكاية
أنها بلغت سن النضج، الأربعين، وفي الأعوام قصص تروى، تشكّل دولة بعد
النهوض من حالة السبات الزمني الذي أخذ من شبابها التاريخي ما لا يستهان
به. هي قصة النهوض، والانطلاقة، والمراجعة..
وأحسب أننا في مرحلة المراجعة حتى وإن استمر مفهومي النهوض والانطلاقة،
لأنها لا تعني الثبات وإنما النظرة إلى ما تحقق، وإلى ما لم يتحقق وكان من
الممكن أن يكون متحققا.
أربعون عاما من الصحوة الحديثة، تاريخ يكتب أبجدياته من جديد، التأريخ
لمرحلة مختلفة الأطر والمعطيات والنتائج وتسير فوق محيطات لا تشبه تلك
التي كانت أساطيل الإمبراطوريات القديمة تسير عليها، ولا المؤرخون هم
أنفسهم الذين كانوا يتنقلون بين مدن الدنيا يسجلون ملامح الدول وتشكيلات
بشرها معرفيا وثقافيا واجتماعيا.
ماذا لدينا لنقوله في عمر النضج لبلادنا؟ ماذا أعددنا لنحتفل حقا بالوصول
إلى هذه المرحلة الناضجة من عمر النهضة الحديثة؟ كيف سنزرع أسئلتنا في
حقول تبحث عن المنجزات لتحافظ عليها، وعن الإخفاقات لتبحث في مسبباتها،
وعن أسئلة فرضتها طبيعة المرحلة لا أساليب التخطيط المسبق؟! لا نقول
الأسئلة لنطالب جهة ما بالإجابات..
إنما هي أسئلتنا وإجاباتنا.. لا أسئلة المواطن وإجابات الحكومة.. نحن
المواطنين جميعا، الجالس على كرسي المسؤولية أو القابع في حقله في أقصى
بقعة من الامتداد العماني.. قد لا نريدها سنة للاحتفالات وإبداء روح
الفرحة فحسب.. إنما البحث عن نقاط لحروف بقيت غير منقوطة.
من المهم (وهذا واجب وطني لا رغبة طارئة) أن تكون لدينا احتفالات تليق
بمناسبة كهذه، بما يعزز روح الانتماء والوطنية، ولكن احتفالنا المعزز
بالوطنية هو أن نكون في مستوى ما يريده وطننا منا. هناك أسئلة لا تزال
معلقة ونحن ندخل أبواب العام الأربعين من عمر نهضتنا المعاصرة:
هل حقا أنجزنا ما يريده النظام الأساسي للدولة والصادر منذ نحو 15 عاما،
وهل راجعته الأجهزة الإدارية للدولة باعتباره دستور البلاد لترى نفسها
ماذا فعلت معه، ما هي التزاماتها، ما هو التناقض بين قوانين يعتبرها
المشرّع المرجع الأول وأخرى متصادمة معه كأن عقدا ونصف العقد لا يكفي
للمراجعة والمواءمة بين القوانين السارية وما يفرضه الدستور على الجميع؟
وأين مصير اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادر منذ سنوات؟
وعلى أي تاريخ يحال الموظف للتقاعد؟ التاريخ المكتوب في بطاقته الشخصية أم
في شهادة تقدير السن؟! وماذا تم في أوامر سامية خلال العقود الأربعة من
عمر النهضة العمانية وكانت معبرة عن اهتمام القائد بتنمية الكثير من
القطاعات، ومن بينها الثقافية والفنية؟!
أربعون عاما من عمر النهضة تحقق فيها ما يبهر زائر البلاد.. لكن ابن
البلاد له طموح لبلاده يفوق كل القدرات، فمن حقنا أن نحلم بالأفضل
لبلادنا، ولكن النقطة التي يحتاجها كل حرف: ماذا فعلنا نحن على المستوى
الشخصي من أجل هذا الوطن؟ وإجابته (وأكرر) واجبة على (الجالس على كرسي
المسؤولية أو القابع في حقله في أقصى بقعة من الامتداد العماني).