مارتن شينين
من التصورات الخاطئة أن الهدف القانوني لمنع الأفعال الإرهابية من
شأنه أن يكون ورقة رابحة تسود دائما على الخصوصية والحقوق الأساسية الأخرى
للأفراد. ولكن في المقابل، فإن بعض الإجراءات محظورة، ويجب أن تظل كذلك،
لأنها تتعدى على حق الخصوصية ومن ثم تتصارع مع المبادئ الأساسية للمجتمع
الحر. بل الأكثر من ذلك أن أكثر الإجراءات تدخلا في الخصوصية ليست دائما
هي الأكثر فاعلية من منظور منع الإرهاب. وكما هو الحال مع الحقوق الأساسية
الأخرى، تحتاج الخصوصية إلى حمايتها داخل إطار تحليلي دقيق يضمن أن تكون
أية قيود متفقة بشكل واضح ودقيق مع القانون المحلي، وأنها فعالة للغرض
الذي تم تصميمها من أجله، وأنها ضرورية في مجتمع ديمقراطي ومتناسبة مع
المميزات الحقيقية المكتسبة.
قبل محاولة يوم عيد الميلاد الفاشلة لتفجير الطائرة المتجهة إلى ديترويت،
كان هناك اتفاق واسع ولكنه غير معلن على أن الماسحات الضوئية للجسم
بالكامل في المطارات هي أمر يتطفل على حق الخصوصية بحيث لا يمكن أن يتقبله
الناس. ولكن بعد حادث واحد، تغير اتجاه الريح. فقد تم وضع ماسحات الجسم
الضوئية موضع الاستخدام في بعض المطارات وطلبتها مطارات أخرى عديدة. لقد
كانت هذه خطوة متعجلة وغير مبررة كان يمكن تجنبها لو أن مزيدا من الانتباه
كان منصبا على تقييم ملائم للخصوصية.
في معظم البلدان، ليس هناك أساس قانوني ملائم لاستخدام ماسحات الجسم
الضوئية. وفي أحسن الأحوال، تشمل القوانين مواد عامة حول الرقابة الأمنية
في المطارات. ويعني هذا أنه لم يكن لدى السلطة التشريعية فرصة لتقييم أين
ترسم الخط المتعلق بجواز التدخلات في حقوق الخصوصية.
والجيل الحالي من ماسحات الجسم الضوئية يستلزم تدخلا غير ضروري، ومن ثم
غير متناسب في الخصوصية، وذلك عن طريق عرض صورة بيانية للإنسان عاريا على
واحد أو أكثر من المراقبين. ومن السهل من الناحية التقنية تجنب ذلك، عن
طريق ضمان ألا يتم تخزين أي صورة مطلقا، وعن طريق استخدام نظام حلول
حسابية يحل على شاشة المراقب محل صورة الشخص الحقيقي مع شكل متحرك قياسي
ولكنه يضع أية بنود محل شك على هذه الصورة.
بيد أن الأمر الأسوأ هو أن هذه الماسحات الضوئية للجسم بالكامل هي أجهزة
غير فعالة. فهي من غير المحتمل أن تكتشف ما مقداره 80 جرام من مادة "PETN"
المتفجرة عندما تكون مخبأة في الملابس الداخلية لشخص ما. وبمجرد أن يُعرَف
أن ماسحات الجسم الضوئية مستخدمة في مكان ما، يكون من السهل تجنبها عن
طريق إخفاء هذا النوع من المتفجرات في أحد تجويفات الجسم أو داخل أي بند
تجاري في حقيبة اليد التي يحملها الشخص.
ومن جهة أخرى، بما أن ماسحات الجسم الضوئية سوف تبطّئ من الفحوصات الأمنية
في المطارات، فمن المحتمل، رغم أنه ليس أمرا محتوما، أن استخدامها سينتج
عنه موجة جديدة من التنميط التمييزي المبني بشكل مباشر أو غير مباشر على
الجنسية أو العرق أو الدين.
هناك طرق أفضل من ماسحات الجسم الضوئية والتنميط المتعلق بالمجموعات
لتحسين الأمن في المطارات والأماكن الأخرى. والتكنولوجيا موجودة بالفعل
لاكتشاف معظم المواد المتفجرة عن بعد، بما فيها مادة "PETN". وبجانب
الملاحظة المهنية لأنماط السلوك، يوفر ذلك إمكانية احترام الخصوصية بينما
في نفس الوقت يقدم وسيلة جيدة لمنع الأفعال الإرهابية. ويبدو أن الهاجس
غير المبرر في الرغبة في معرفة المزيد عن الشخص الذي يتصور أنه شرير هو
الذي أدى إلى بطء العمل في الكشف عن المتفجرات.
يجب أن تتبنى لجنة حقوق الإنسان، تلك الهيئة المستقلة الخبيرة التي
تشرف على الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ملاحظة
عامة حول حق الخصوصية، تشمل إطار عمل تحليلي لتقييم جواز استخدام أي قيود.
ويجب على مجلس حقوق الإنسان، بما أنه الهيئة الحكومية الدولية لحقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن يطلق عملية نحو إعلان عالمي لحماية
البيانات وخصوصيتها.